فصل: الخاتمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس **


 انتهى الكتاب ‏[‏كشف الخفاء‏]‏ بعون الله

خاتمة يختم بها الكتاب ‏[‏في أقوال وأحاديث موضوعة مختلفة‏]‏

ختم الله لنا بالوفاة على دين محمد سيد الأحباب‏.‏

فنقول كما قاله في المقاصد وتبعه في التمييز وتبعهما القاري وسبقهم الصغاني وغيره‏:‏

‏[‏لقاء الأئمة ببعض‏]‏

قد اشتهر لقاء الأئمة بعضهم لبعض، وكذا اشتهر تصانيف تضاف لأناس وقبور لأقوام ذوي جلالة مع بطلان ذلك كله، وأناس يذكرون بين كثير من العوام بالعلم إما مطلقا أو في خصوص علم معين وربما تساهل في ذلك من لا معرفة له بذلك العلم تقليدا أو استصحب ما كان متصفا به ثم زال بالترك أو تشاغل بما انسلخ به عن الوصف الأول وجميع هذا كثير‏:‏

فمن الأول ما اشتهر من أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي وسألاه فباطل باتفاق أهل المعرفة كما قاله ابن تيمية وغيره لأنهما لم يدركاه‏.‏

وكذلك ما ذكر من أن الشافعي اجتمع بأبي يوسف عند الرشيد باطل أيضا إذ لم يجتمع الشافعي بالرشيد إلا بعد موت أبي يوسف‏.‏

قال الحافظ ابن حجر‏:‏ وكذا الرحلة المنسوبة للشافعي إلى الرشيد وأن محمد بن الحسن حرضه على قتله قال وإن أخرجها البيهقي في مناقب الشافعي وغيره فهي موضوعة مكذوبة‏.‏

وعبارة اللآلئ للحافظ ابن حجر نصها وقال أبو العباس بن تيمية ما اشتهر أن الشافعي وأحمد اجتمعا بشيبان الراعي وسألاه عن سجود السهو فاتفق أهل المعرفة على أن هذا باطل والشافعي وأحمد لم يدركا شيبان الراعي‏.‏

وقال أيضا ما ينقل عن الشافعي في الرحلة المشهورة اتفق أهل الحديث على أنها كذب وأن الشافعي لم يرحل إلى العراق إلا بعد موت مالك وبعد موت أبي يوسف صاحب أبي حنيفة ولم يجتمع بأبي يوسف بل بمحمد بن الحسن ولا اجتمع بالأوزاعي، وفي الرحلة من الأكاذيب عجائب‏.‏

وأقول نظر بعضهم في هذا الكلام بأن إمام الحرمين نقل في المستظهري أن الشافعي رضي الله عنه ناظر أبا يوسف في أراضي مكة هل فتحت عنوة أم صلحا عام حج أبي يوسف مع الرشيد‏.‏

ونقل ابن غانم في مناقب الشافعي رضي الله عنه أنه اجتمع به في الرقة وفي بغداد‏.‏

وعبارة الحافظ ابن حجر تقتضي أن في القصة المذكورة موضوعا لا أنها موضوعة كما يعلم ذلك بمراجعة مؤلفه في مناقب الشافعي‏.‏

وفي كتاب ‏"‏مغيث الخلق إلى اختيار الأحق‏"‏ لإمام الحرمين أن الشافعي ناظر أبا يوسف في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاث مسائل‏:‏

في مقدار الصاع، وفي أن الأذان مثنى بالترجيع والإقامة فرادى، وفي لزوم الموقف‏.‏

وفي تهذيب الأسماء واللغات للإمام النووي‏:‏ وبعث أبو يوسف القاضي إلى الشافعي حين خرج من عند هارون الرشيد يقرئه السلام ويقول له‏:‏ صنف الكتب فإنك أولى من يصنف في هذا الزمان‏.‏

ومن الثاني قول الميموني سمعت أحمد بن حنبل يقول‏:‏ ثلاثة كتب ليس لها أصل‏:‏ المغازي، والملاحم، والتفاسير‏.‏

قال الخطيب في جامعه وهذا محمول على كتب مخصوصة في هذه المعاني الثلاثة غير معتمد عليها لعدم عدالة ناقليها وزيادات القصاص فيها‏.‏

فأما كتب الملاحم فجميعها بهذه الصفة، وليس يصح في ذكر الملاحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث يسيرة‏.‏ وأما كتب التفاسير فمن أشهرها كتابا الكلبي ومقاتل بن سليمان‏.‏

وقد قال الإمام أحمد في تفسير الكلبي من أوله إلى آخره كذب قيل له فيحل النظر فيه قال لا، وقال أيضا كتاب مقاتل قريب منه‏.‏

وذكر السيوطي أكثرها في آخر الإتقان وأن منه كتبا صحيحة ونسخا مغيرة بينها فليراجع‏.‏

وأما المغازي فمن أشهرها كتب الواقدي كذب وليس في المغازي أصح من مغازي موسى بن عقبة‏.‏

‏[‏الأمكنة والقبور‏]‏

وكذا ما يذكر من القبور في جبل لبنان في البقاع أنه قبر نوح عليه الصلاة والسلام لا أصل له وإنما حدث في أثناء المائة السابعة‏.‏

وكذلك القبر المشهور الذي ينسب لأبي بن كعب رضي الله عنه بالجانب الشرقي من دمشق مع اتفاق العلماء على أنه لم يدخلها فضلا عن دفنه فيها وإنما مات في المدينة‏.‏

وكذلك المشهد المنسوب لعبد الله بن سلام رضي الله عنه في قرية سقبا من الغوطة لا أصل له هنا وإنما مدفنه بالمدينة كما ذكره العلماء المعتبرون منهم النووي‏.‏

كذلك المكان المنسوب إبن عمر من الجبل الذي بالمعلاة مقبرة مكة لا يصح أصلا وإن اتفقوا على أنه توفي بمكة‏.‏

والمكان المنسوب لعقبة بن عامر رضي الله عنه من قرافة مصر، بل هو منام رآه بعضهم بمد أزمنة متطاولة‏.‏

والمكان المنسوب لأبي هريرة رضي الله عنه بعسقلان إنما هو قبر حيدرة بن خيشنة على ما جزم به بعض الحفاظ الشاميين، ولكن جزم ابن حبان وتبعه الحافظ ابن حجر بالأول‏.‏

وكذلك المكان المشهور بالمشهد الحسيني من القاهرة فليس الحسين مدفونا فيه بالاتفاق وإنما فيه رأسه كما ذكر بعض المصريين، قال الحافظ ابن حجر ونفاه بعضهم، ومنهم ابن تيمية فإنه بالغ في إنكار ذلك وأطال كما نقله عنه السخاوي‏.‏

وقال الإمام محمد بن الجزري لا يصح تعيين قبر نبي غير نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة السلام في تلك القرية لا بخصوص تلك البقعة‏.‏

ويكفر منكر كون قبرنبينا في المدينة في المكان المخصوص، ولا يكفر منكر قبر نبي غيره بخصوصه حتى إبراهيم، ولا ينسب إلى الإبتداع إلا منكر كون قبر الخليل في الغار في بلده المعروفة فإنه مبتدع‏.‏

وكذلك المكان المعروف بالسيدة نفيسة إبنة الحسين بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب التي وصفها الحافظ العلم البرزالي بأنها خفيرة ديار مصر‏.‏

وكان الحافظ ابن حجر يقول مما لا ينافيه‏:‏ ليس بالديار المصرية بعد الصحابة رضي الله عنهم أفضل من الشافعي‏.‏

قال في المقاصد وهو كذلك فقد ذكر بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل الذي يزار ليس قبرها ولكنها في تلك البقعة بالاتفاق، واستيفاء ذلك يطول وهو جدير بإفراده في تأليف‏.‏

‏[‏كلمات وأشعار‏]‏

ثم قال ‏(‏في المقاصد‏)‏ ‏:‏ وكنت أردت إدراج كلمات تستعملها الناس في كلامهم لها أصول يرجع إليها فرأيت ذلك خروجا عن المقصود وإن جرى ذكر شيء منها في الأثناء فلمناسبة لا تخفى‏.‏

وكذلك الكلمات المذكورة‏:‏ أرغم الله أنفه، استأصل الله شأفته، أفلح الوجه، أكذب من دب ودرج، أنا النذير العريان، بنى بأهله، حمي الوطيس، رفع عقيرته، شاهت الوجوه، كبر حتى صار كأنه قفة، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، ما به قلبة، وافق شن طبقة، والكثير من ذلك ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم ونحوها قوم جرى المثل بأسمائهم كرجع بخفي حنين، على يد عدل، مواعيد عرقوب، وكذا إدراج أشعار شهيرة اشتملت على أحاديث بعضها له أصل وبعضها لا أصل له‏.‏

ومن القسم الثاني قوله‏:‏

إذا اعتذر الخليل إليك يوما * تجاوز عن مساويه الكثيرة

فإن الشافعي روى حديثا * بإسناد صحيح عن مغيرة

فقد قال الرسول سيمحو ربي * بعذر واحد ألفي كبيرة

ومنه أيضا قول من قال مما نسبه للحافظ ابن حجر قال السخاوي وحاشاه من ذلك‏:‏

في قص ظفرك يوم السبت آكلة * تبدو وفيما يليه يذهب البركه

وعالم فاضل يبدو بتلوهما * وإن يكن في الثلاثا فاحذر الهلكه

ويورث السوء في الأخلاق رابعها * وفي الخميس الغنى يأتي لمن سلكه

والعلم والرزق زيدا في عروبتها * عن النبي روينا فاقتفوا نسكه

وقال الجلال السيوطي في الأسفار عن قلم الأظفار‏:‏ قد اشتهر على الألسنة هذه الأبيات ولا يدرى قائلها ولا هي صحيحة في نفسها، وذكر هذه الأبيات المنسوبة للحافظ ابن حجر‏.‏

ومن هذا القسم الثاني أيضا‏:‏ ما ذكره بعضهم ونسبه إلى علي كرم الله وجهه، قال السخاوي وكذب القائل‏:‏

إبدأ بيمناك بالخنصر * في قص أظفارك واستبصر

وثن بالوسطى وثلث كما * قد قيل بالإبهام والبنصر

واختتم الكف بسبابة * في اليد والرجل ولا تمتر

وفي اليد اليسرى بإبهامها * والإصبع الوسطى وبالخنصر

وبعد سبابتها بنصر * فإنها خاتمة الأيسر

فذاك أمن خذ به يا فتى * من رمد العين فلا تزدر

هذا حديث قد روى مسندا * عن الإمام المرتضى حيدر

ونقل السيوطي عن الزركشي في شرح التنبيه أنه قال وأصل الأثر المشار إليه عند عبيد الله بن بطة من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينيه رمدا‏.‏

وقال ابن نباتة‏:‏

قي قص يمنى رتبت خوابس * أو خسب لليسرى وباء خامس

ثم قال السيوطي قد أنكر ابن دقيق العيد جميع هذه الأبيات وقال لا يعتبر هيئة مخصوصة، وما اشتهر من قصها على وجه مخصوص لا أصل له في الشريعة، ثم ذكر الأبيات، وقال هذا لا يجوز اعتقاد استحبابه لأن الإستحباب حكم شرعي لا بد له من دليل وليس استسهال ذلك بصواب‏.‏

وقال ابن حجر المكي في التحفة والمعتمد في كيفية تقليم اليدين أن يبدأ بمسبحة يمينه إلى خنصرها ثم إبهامها ثم خنصر يسارها إلى إبهامها على التوالي، والرجلين أن يبدأ بخنصر اليمنى إلى خنصر اليسرى على التوالي، وخبر من قص أظفاره مخالفا لم ير في عينه رمدا لم يثبت، قال الحافظ السخاوي هو في كلام غير واحد ولم أجده بمكان وأثره الحافظ الدمياطي عن بعض مشايخه ونص أحمد على استحبابه‏.‏

وكذا مما لم يثبت خبر فرقوها فرق الله همومكم وعلى ألسنة الناس في ذلك وأيامه أشعار منسوبة لبعض الأئمة وكلها زور وكذب، وينبغي البدار بغسل محل القلم لأن الحك به قيل يخشى منه البرص‏.‏

ومن القسم الأول وهو ما اشتمل على أحاديث صحيحة قول القائل‏:‏

لم لا نرجى العفو من ربنا * أم كيف لا نطمع في حلمه

وفي الصحيحين أتى أنه * بعبده أرحم من أمه

فإنه يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم الواقع في الصحيحين‏:‏ لله أرحم بعباده من هذه بولدها، ومنه أيضا قول آخر‏:‏

قد جاءنا في خبر مسند * عن أحمد المبعوث بالمرحمة

من حسن الرحمن من خلقه * وخلقه فالنار لن تطعمه

فإنه يشير إلى ما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رفعه‏:‏ ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار‏.‏ وله شواهد بالمعنى‏.‏

ومن ذلك قول آخر‏:‏

يا سيدي عندك لي مظلمة * فاستفت فيها ابن أبي خيثمة

فإنه يرويه عن جده * وجده يرويه عن عكرمة

عن ابن عباس عن المصطفى * نبينا المبعوث بالمرحمة

أن انقطاع الخل عن خله * فوق الثلاث ربنا حرمه

وأنت من شهر لنا هاجر * أما تخاف الله فينا أمه

فإنه يشير إلى الحديث الصحيح وهو قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث‏"‏ قال السخاوي ولكن السند الذي نظمه فيه نظر‏.‏

ومن ذلك أيضا قول الآخر‏:‏

مت مسلما ومن الذنوب فلا تخف * حاشى الموحد أن يرى تعسيرا

ما جاء أن الله يخزي مسلما * يوم الحساب ولو أتى مأزورا

فأما البيت الأول فهو إشارة إلى ما مضى في حرف الميم وهو‏:‏ مت مسلما ولا تبالي‏.‏ وإن تقدم أن السخاوي قال لا أعلمه في المرفوع بهذا اللفظ، لكن الأحاديث في دخول الجنة لمن مات مسلما لا يشرك بالله شيئا كثيرة، وأقول في معنى قوله مت مسلما البيت الآخر‏:‏

كن كيف شئت فإن الله ذو كرم * وما عليك إذا أذنبت من باس

إلا اثنتان فلا تقربهما أبدا * الشرك بالله والإضرار للناس

وأما الثاني فيمكن أن يكون إشارة إلى حديث‏:‏ لا يستر الله على عبد في الدنيا إلا ستره في الآخرة‏.‏ وفي لفظ‏:‏ سترتها عليك اليوم في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم‏.‏ إلى غير ذلك من أمثلة القسمين رزقنا الله إحدى الحسنيين‏.‏

‏[‏وصايا علي رضي الله عنه‏]‏

ومن القسم الذي لا أصل له وصايا علي رضي الله عنه فكلها موضوعة إلا ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا علي أنت مني بمنزلة هرون من موسى غير أنه لا نبي بعدي‏.‏ كما قاله السيوطي‏.‏

وقال الصغاني والوصايا المنسوبة إلى علي بن أبي طالب بأسرها التي أولها‏:‏ ياعلي لفلان ثلاث علامات ولفلان علامات‏.‏ وفي آخرها النهي عن المجامعة في أوقات مخصوصة وأماكن مخصوصة، موضوعة كلها وضعها حماد بن عمرو النصيبي وهو عند أئمة الحديث متروك كذاب، وآخر هذه الوصية‏:‏ يا علي أعطيتك في هذه الوصية علم الأولين والآخرين‏.‏ كذا في الموضوعات للقاري‏.‏